التحقيقات

صحفيون سودانيون يحكون عن 3 أيام عصيبة..إليك التفاصيل

الخرطوم:الحوادث

على مدى ثلاثة أيام، لم يستطع مراسل الحرة، عبد الباقي عوض، من مغادرة مبنى مقر عمله في وسط الخرطوم، بالقرب من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة حيث الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع لا تتوقف.

وقال عوض الذي كان برفقة عدد من الصحفيين العاملين في وسائل إعلام أخرى: “كان القصف فوق رؤوسنا، وتبادل الرصاص من حولنا، فعلقنا في المكتب ولم نكن نستطيع أن نخطو خطوة واحدة لكثافة النيران واستمرارية الاشتباكات بين الطرفين”.

كان الوضع خطرا للغاية، لكنه ازداد خطورة عندما تسلل أفراد من قوات الدعم السريع للبناية التي يقطن فيها مكتب “الحرة”.

وقال عوض: “أصبحنا في خطر أكبر، لأن ذلك يعني أن بنايتنا ستكون هدفا للجيش للرد على ضربات قوات الدعم السريع، وبالتالي كنا نعمل في ظروف بالغة الصعوبة والقسوة”.

فمن ناحية كان عوض ورفاقه، يحاولون أن يقوموا بدورهم المهني في التغطية الصحفية والحصول على المعلومات ومتابعة الأحداث، لكن في نفس الوقت كانوا يعيشون في قلق وتساورهم الشكوك حول مصيرهم في ظل هذه الأحداث.

وقال: “كانت الاشتباكات في الشارع الذي فيه بنايتنا تحديدا، وهذا خلق لنا مشكلة كبيرة لأننا لسنا على ثقة أن الطرفين سيراعون قواعد الاشتباك التي تحمي الصحفيين، فقوات الدعم السريع في الأساس كانت عبارة عن ميليشيات قبل أن يتم تطويرها إلى ما يشبه الجيش الرسمي، ولم نكن متأكدين من أنهم سيحترمون مهنتنا، والطرف الآخر، لم نكن واثقين تماما أيضا أن عناصر الجيش سيتفهمون الدور الذي نقوم به في ظل هذه الظروف”.

ازداد الوضع الأمني تعقيدا ولم يكن أمام عوض وزملائه أي خيار سوى مغادرة المبنى الموجودين فيه، وتحينوا الوقت المناسب رغم خطورة الخطوة، لينتقلوا إلى مكان آخر أكثر أمانا، “ولا يوجد أمان في واقع الأمر”، بحسب تعبير عوض.

وقال: “نزلنا من البناية، ونحن خمسة صحفيين، كان لدينا سيارة واحدة، ووجدنا أن قوات الدعم السريع فصلت البطارية فأصلحنا السيارة في ظل خطر شديد، حتى أن واحدا من الزملاء خلع قميصه ورفعه بيده ليدل على أننا مسالمين، إلى أن عملت السيارة، وبدأنا في التحرك غربا نحو السوق العربي ثم عبر الطرف الفرعية إلى منطقة المستشفيات،

ثم تحركنا إلى منطقة أخرى كانت فيها قوات الجيش فثبتونا وفتشونا وتأكدوا من هوياتنا، ثم توجهنا إلى منطقة أخرى قابلنا فيها قوات الدعم السريع، ثم تخطيناهم إلى منطقة أكثر أمانا”.

ويوم السبت الماضي، ذهب أحمد عبد الغني، الصحفي والمنتج في “وكالة تانا للأخبار” لمقر عمله في العمارة الكويتية بالقرب من القصر الجمهوري ووزارة الخارجية، في الثامنة صباحا. وبعد وصوله لمقر عمله بقليل، اندلعت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، فظل عالقا مع العديد من الصحفيين الآخرين لمدة 72 ساعة، واصفا هذه الفترة بـ”العصيبة”.

وقال “أصبحنا في منطقة وسطى، وفي مرمى نيران طرفين المواجهات، فأصبح من الصعب علينا مغادرة المبنى”.

وأضاف: “مقر عملي في طابق مرتفع في البناية وأصابه قصف بالذخائر الطائشة من الأطراف المتصارعة، فاضطررنا للنزول إلى طابق آخر سفلي في المبنى يتبع الوكالة التي أعمل بها، لكن بعد فترة تعرض أيضا هذا الطابق لاختراق بعض الرصاص، فاتجهنا للقبو وبقيت مع أكثر من 20 آخرين منهم 15 صحفيا لمدة يومين مختبئين هناك”.

وأضاف: “لك أن تتخيل وضعنا في ظل شح المياه ونحن صائمين مع صوت الرصاص والقصف الذي لا ينقطع”.

وفي اليوم الثالث من وجودهم في القبو سمعوا من متابعتهم للأخبار عن هدنة “أخذنا قرارنا بالمغادرة لأن الوضع كان صعبا للغاية”، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن وقت الهدنة كان قد بدأ، “فإن أصوات الرصاص المرتفع للغاية لم ينقطع، لكننا استمررنا في مغامرتنا”.

وأضاف: “قابلنا أربع نقاط تفتيش في الخارج في مسافة لا تتعدى أربعة كيلومترات، كلها كانت تابعة لقوات الدعم السريع، فتشوا سياراتنا وتفقدوا هوياتنا”.

ورصدت شبكة الصحفيين السودانيين عددا من الانتهاكات التي طالت الصحفيين منها استهداف مراسلين، بحسب ما قاله سكرتير الشبكة، خالد أحمد، لموقع “الحرة”

وقال إن “الصحفيين يعانون بشكل أساسي في المعارك الدائرة خاصة العاملين في القنوات الفضائية”.

وعلى سبيل المثال، تعرض مراسل تلفزيون بي بي سي، محمد عثمان للضرب بأيدي قوات الدعم السريع أثناء توجهه إلى مكان عمله، بحسب أحمد.

وأضاف “تعرضت مبان صحفية وإعلامية للقصف مثل جريدة الجريدة، فضلا عن مواقع قنوات فضائية”.

وتابع: “تم احتجاز صحفيين في العمارة الكويتية في شارع النيل، ولم يتمكنوا من الخروج إلا بعد ثلاثة أيام في ظل الاشتباكات”.

وحتى العاملين في هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية “تم اعتبارهم رهائن داخل المبنى وأجبروهم تحت التهديد على تشغيل الأجهزة وبث بيانات المتحدث باسم الدعم السريع”.

وقال “بعض الصحفيين أيضا تعرضوا للنهب خاصة في منطقة بحري، حيث تم الاستيلاء على هواتفهم وضربهم”.

كيف يغطي الصحفيون الأحداث حاليا؟

يقول عوض إن “تغطية الحرب في السودان الأن ليست بالأمر السهل “فمعظم الصحفيين يتابعون الأحداث من مناطق قريبة من مناطق الاشتباكات وليس مناطق الاشتباكات نفسها لأن الوضع هناك خطير للغاية”.

أما عبد الغني فيقول “كل الأجهزة والمعدات تركناها في مقر عملنا ولا نستطيع الذهاب إلى هناك، وأصبحنا الآن نتعامل فقط بالإنترنت والرسائل الهاتفية مع الوكالات الإخبارية التي نتعامل معها”.

وأضاف: “نتابع البيانات من الجانبين الآن والتواصل مع المصادر بالهاتف، لأنه من الصعب الخروج إلى مناطق الاشتباكات حيث سنقابل بوابل من الرصاص”.

مصطفى هاشم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى