التحقيقات

الخرطوم تسقط بين رحى الحرب وصدمة الكوارث..

الخرطوم: الحوادث

عزلة وقصف يهددان المرافق الصحية وحياة المرضى..

الخرطوم تسقط بين رحى الحرب وصدمة الكوارث..

جثث على الأرض، مستشفيات معزولة، مرضى عالقون، وجنرالات يتصارعون عليها..

الخرطوم – محمد آدم بركة

كارثة صحية ينذر بها الوضع الصحي في البلاد، بعد تفاخم الأزمة واندلاع الاشتباكات، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، منذ صبيحة ١٥ أبريل الجاري، حيث عزلت الحرب الدائرة بين الطرفين، المستشفيات والمرافق الصحية في العاصمة ومدنها الثلاث، ودق ناقوس الخطر المستشفيات الواقعة وسط الخرطوم بين خطوط نيران الاشتباك، بينما خرجت بعض المستشفيات من الخدمة لقربها من مواقع المعارك وانعدام المعينات وتكدس المرضى والحبس الاضطراري للكوادر الطبية العاملة بها.

إرهاق الكوادر

مضى على الكوادر الطبية بالمستفيات في وسط العاصمة الخرطوم أكثر من ٧٢ ساعة وهم يعملون على خدمة المرضى والجرحى دون توافر طواقم بديلة للتغيير، بسبب شل الحركة التي فرضها الواقع وصعوبة وصول الكوادر الطبية للمشافي والمرافق الصحية، إلى جانب شح في الإمداد الغذائي الذي وصل شبه الانعدام التام في اليوم الرابع للمعركة التي يقودها جنرالي الصراع (حميدتي والبرهان) دون مراعاة للجوانب الإنسانية، رغم إعلانهم الهدنة المؤقتة لساعات معدودة خلال اليومين الماضيين بعد نداء ومطالب الأمم المتحدة والمنظمات العالمية.

عزلة مرافق

نداءات جمة أطلقتها القطاعات المعنية بالحقل الطبي والصحي والكوادر العاملة دون أن تجد الضوء الأخضر في الاستجابة لها، كما تناقلت الأسافير المناشدات تلو الأخرى إلا أن مطامع السعي خلف بريق كرسي السلطة كان الأقوى والأعلى بدوي المدافع وأزيز الطائرات الحربية التي اهتزت بها البنايات الشاهقة خلال الأيام الماضية وحصدت الاشتباكات ما يفوق الـ (١٠٠) روحًا بريئة سقطط جراء الاشتباكات في أوساط المدنيين وأكثر من (٩٤٠) مصابًا بينهم إصابات بالغة الخطورة بحسب إحصاءات نقابة الأطباء السودانيين، ولكن تقارير لمنظمات عالمية تفيد بوقوع أكثر من (١٨٠) قتيًلا و (١٨٠٠) جريح خلال ثلاثة أيام على لسان فولكر (بيرتس) الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان والذي أشار في تصريح لـ(الجزيرة) إلى صعوبة بالغة في توصيل المساعدات في السودان حاليًا.

هذا وتعاني هذه المستشفيات من نقص أشبه بالانعدام في الامداد الدوائي، إلى جانب انقطاع التيار الكهربائي في أغلبها والعجز التام عن إيجاد سبل توصيل الجازولين لها رغم توافره في ظل الكارثة التي تشهدها البلاد، كما تعرضت بعض المرافق للقصف الذي يتنافى مع الأسس الإنسانية وأدب الحرب وفق المعاهدات، وخرجت أكثر من (15) مستشفى عن الخدمة في العاصمة الخرطوم والولايات بحسب إحصاءات ومتابعات ومصادر توصلت إليها الجريدة.

جثث على الطرقات

لم يكن الخوف من الموت هو الشاغل الوحيد الذي يؤرخ مضاجع أفراد المجتمع، ولا المفقودين عن ذويهم منذ صبيحة السبت، بل بات إكرام الجثث التي غُدرت برصاص الحرب وشظايا المدافع هو الشاغل الأكبر للناس، حيث باتت جثامين الموتى من الأبرياء المدنيين والجنود على بعض الطرق والأزقة وغيرها من الأماكن وسط الخرطوم، الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية محتملة، ويعد الأمر من الحالات الإنسانية الحرجة والنادرة التي تمر بها العاصمة الخرطوم اليوم.

عثمان الطقيع مواطن غدرت به رصاصة بعد أن أعلنت القوات هدنتها الكاذبة في طريق خروجه وآخرين من الاحتجاز الاضطراري بجامعة الخرطوم بحثًا عن طريق آمن للخروج من ساحة المعركة، فما كان هنالك سبيل غير العودة به شهيدا إلى حيث كان الاحتجاز، كان جثمانه ينتظر رحمة الجنرال بوقف المعركة ليوارى الثرى بأحد الميادين داخل جامعة الخرطوم بعد أخذ الإذن من أسرته وإدارة الجامعة، وتم تشييعه مؤخرا في الجانب الشرقي من الميدان الغربي للجامعة، ترى أي مصير تمر به جثث أخرى مجهولة المكان داخل مربع المعركة المشتعلة وسط الخرطوم.

مرضى عالقون

إلى جانب المدنيين العالقين في أماكن متفرقة، أيضًا يعاني المرضى من عجز الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج، خاصة مرضى القلب والسكر والضغط وغيرها من الأمراض، ومعاناة أخرى لنساء حوامل يعايشن ظروفا مؤسفة وهن على عتبات الولادة، كما تشهد أماكن متفرقة وجود جرحى جراء الاشتباكات التي منعت وصولهم إلى حيث تلقي العلاج وأصبح الخطر الماثل يهدد حياتهم.

تنديد دون جدوى

لا تزال المنظمات العالمية تندد وتبدي قلقها من تدهور الوضع الإنساني في السودان، وتمضي في الاستمرار بالمطالبة بفتح مسارات آمنة لإنقاذ الوضع الصحي والإنساني أولا، وكشف الصليب الأحمر عبر المتحدثة باسمه، بأن “الوضع في السودان يكاد يكون ميؤوسا منه، الطرق مهجورة عن المتطوعين لتقديم العون”، ويعد هدف الوصول إلى المستشفيات من الأولويات الشاغلة للمنظمات الإنسانية المحلية والعالمية.. في ظل هذا وافق طرفي الصراع مؤخرا على هدنة إنسانية لمدة ٢٤ ساعة تبدأ عند الساعة السادسة مساء اليوم.

 الجريدة 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى