الرأي

محجوب عروة يكتب / إعقلوا  يا أبناء الوطن

قولوا حسنا

لست أدري لماذا تصر جميع القوى السياسية على استمرار الخلافات والصراعات منذ نجاح الثورة حتي اليوم دون ان يحققوا شيئا غير المزيد من الفوضى ونقص في الانفس بموت المئات من الشباب الغض ؟ صحيح أن ماحدث في 25 أكتوب لم يكن ضرورياً لو التزم  الطرفان المدني ممثلاً في قحت والمكون العسكري الحكمة ولكن بدأ واضحاً أن قرارات 25 اكتوبر في حقيقته انقلاب علي قحت المركزية بسبب محاولتها احتكار الثورة والدولة لا يشبهه الا ماحدث عقب حكومة سر الختم الأولي عندما عمدت جبهة الهيئآت عقب ثورة أكتوبر عام 1964 السيطرة علي الحكومة واستحوزت علي غالب المقاعد الوزارية من خلال سيطرتها علي كافة النقابات والاتحادات فقامت الأحزاب الكبرى بالضغط علي رئيس الوزراء سر الختم الخليفة لحل الحكومة وتكوين حكومة قومية جديدة حسب الأوزان السياسية الحقيقية.. لهذا اعتبرت وكتبت أن قرارات 25 أكتوبر هي نصف انقلاب وليس انقلابا كاملا كما يحدث عادة في كل الانقلابات العسكرية حيث لم يحل المكون العسكرى الأحزاب بما فيها احزاب قحت نفسها ولم تلغي الصحف فكل ماحدث  ان قحت اصطدمت بشريكها المكون العسكري حول مسار الانتقال فتشظت قحت  حين اختلفت مع شقها الآخر الذي أطلق علي نفسه قحت الوطنية فاستفاد المكون العسكرى من هذا الاختلاف والانشقاق فضرب ضربته وعلق بعض بنود الوثيقة الدستورية ولم يلغها كلية كما تفعل الانقلابات العسكرية عادة حين تلغي العمل بالدستور..

 لقد حاولت قحت المركزية اسقاط ذلك الانقلاب عليها فلجأت الي  التظاهر والتتريس والاضرابات عاما كاملا دون أن تنتصر علي القوة الصلبة ممثلة في المؤسسة العسكرية فحدث ما حدث.. وهذا يؤكد انه من المستحيل حدوث تغيير في السلطة دون الاتفاق الشامل بين الجانبين المدني السياسي بكل فصائله دون اقصاء لجهة والجانب العسكرى.. ولهذا فان الأوفق والأسلم للبلاد ان يحدث هذا التوافق ليس كما حدث عبر الوثيقة الدستورية القاصرة الاقصائية بل عبر دستور انتقالي مثلما حدث في ثورتي أكتوبر وأبريل أعطي الجميع حقه في العمل السياسي حتى قامت الانتخابات الحرة بعد عام واحد فتجاوزت البلاد الفوضي والتشظى والتدخل الأجنبي عكس ما يحدث الآن من تدخل الآلية الثلاثية والرباعية والتي حاول فيها السيد فولكر ان يدعي كذبا ان قرارات 25 أكتوبر قد عطلت اعفاء السودان من الديون او الاستفادة من المساعدات الدولية في حين يعلم راعي الضأن في الخلا أن أي حديث عن اعفاء الديون والمساعدات الدولية هي كذبة بلقاء وأوضح دليل علي ذلك  ما حدث عقب اتفاقية نيفاشا للسلام حين وعد المجتمع الدولي بتقديم مساعدات مالية للدولة اذا نفذت الاتفاقية فما ان تم التوقيع عليها ونفذت لم يتحقق الوعد  فلم تعفى أي ديون فاتضح ان الوعود زائفة وكاذبة وخادعة لا يصدقها الا المغفلون الذين لا يدركون طبيعة العلاقات الدولية الظالمة التي لاتهدف الا الي سيطرة الدول الاستعمارية علي موارد شعوب العالم الثالث منذ مؤتمر برلين عام 1884 حتي اليوم .. بل أذهب أكثر من ذلك وأقول بالصوت العالي أن تلك الديون والمساعدات الزهيدة منذ نظام مايو ومابعدها التي بلغت اليوم حوالي ستين مليار دولار معظمها فوائد مركبة كان القصد الأساسي منها التحكم في السيادة الوطنية والاقتصادات الوطنية وليس الدعم الاقتصادي الحقيقي..

 يجب ألا ننخدع لتلك الأكاذيب بالاعفاء من الديون ولا المساعدات الدولية المالية خاصة في مثل هذه الأوضاع العالمية التي تنفق فيها الدول المتحكمة عشرات المليارات في التسليح والحروب من اجل مصالحها والسيطرة علي العالم ولكن هيهات فقد انقلب السحر علي الساحر فما تظهره هذه الصراعات حول اوكرانيا وتايوان ستكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهر العالم وقد تكون نهاية للامم المتحدة كما حدث لعصبة الامم .. وهذه المرة بحروب نووية شاملة كما نشاهد بداياتها.     

في حال استمرار هذا الواقع المتردى في بلادنا وعدم توافق الجميع علي حل وسط  فان الحل الوحيد هو اجراء انتخابات حرة لانتخاب رئيس جمهورية يفوضه غالب الشعب لمعالجة الأزمة السياسية.. أم ترى يكون البديل أن تقوم جهة صلبة بفرض ما تراه مناسبا اذا تعذرت الانتخابات أو رفضها البعض خشية من عدم الحصول علي ثقة الشعب.. صدقوني لقد سئم الشعب وضاق ذرعا بما يحدث ما يجعله يقبل بأى حل يخرجه من هذا النفق المظلم..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى