الرأي

نجاة إدريس / لم نعبر ..ولم ننتصر!..

خطوط عريضة

مرت الأيام وكلمح البصر وهانحن نجد أنفسنا نقترب من  تاريخ الخامس والعشرين من أكتوبر ” ذكرى الانقلاب المشئوم ” الذي جعلنا نعود القهقهري بعد أن كانت الدول الغربية –وبفضل ثورتنا ثورة ديسمبر المجيدة – خفضت لنا “الديون الخارجية ”   و لانقول هنا إنها أعفتها بالكامل لأنها لم تكن قدرا يسيرا بل قاربت الستين مليار دولار،  ففي يوليو من العام الماضي جاء قرار إعفاء السودان من 23 مليار دولار  على أن يستكمل مبلغ  الإعفاء ليصل ل50 مليار دولار مستقبلا لو استمر السودان يسير في خطواته المتمهلة نحو التحول الديمقراطي  وذلك بعد أن أدخل السودان ضمن  مبادرة الهيبك والتي تشمل الدول الفقيرة و المثقلة بالديون ، لذلك كان السودان مؤهلا للإستفادة من المبادرة وكانت خطواته  قاب قوسين أو أدنى من فرص الإعفاء  ولكن و”آه من لكن هذه ” .

ليس هذا فقط ما يمكن حسابه بالنقاط الموجبة قبل أن نرجع للوراء غير قليل فلا  زلنا نذكر مساعدات الدول الغربية  – من أصدقاء السودان – وبمساعدة بعض الدول العربية  والذين بدأوا فعليا في دعم السودان بملايين الدولارات -و التي تم جدولتها دوريا – قبل أن يأتي الانقلاب فتجمد نهائيا

 كل هذه الأموال  كان يمكنها أن تدخل في التنمية بعد أن ذاق السودان الأمرين خاصة  – بعد أن رفع منه دعم المحروقات والقمح بشكل كامل – بُعيد الثورة – وفي صدمات سريعة كادت  تودي بالمواطن إلى الجنون لولا إيمانه بأن القادم سيكون أجمل ،ولم يلتفت المواطن  كثيرا لبرنامج  “ثمرات ” –الذي بدأ فعليا في تخفيف الضغط على  بعض المواطنين  الذين ظهرت أسماؤهم واستلموا فعليا قيمة مماثلة لمبلغ خمس الدولارات ولكن  قبيل أن نجني  ثمار” الثورة التي أذهلت العالم”،  وقبل أن نخطو خطوات في برنامج” الجراحة دون بنج”   لمعالجة اختلالات الاقتصاد السوداني إذ بنا نعود القهقرى للحلقة الشريرة “ثورة –حكومة انتقالية – انقلاب – حكومة دكتاتورية! “.

لا زلت أذكر المبررات التي ساقها قائد الجيش في أول “مؤتمر صحفي” له بُعيد الانقلاب   وكون هذه الإجراءات ليست إلا تصحيحا لمسار الثورة  المعوج ، وأن رئيس الوزراء موجود في مكان آمن ثم قال إنه في بيته ويمكن للصحفيين لقاؤه ثم أن الحكومة ستشكل في ظرف أسبوعين فقط ويعود كل شيء لمكانه الطبيعي ، كما لازالت ذاكرتي تحتفظ  بتفاصيل  التفاصيل عن الأحداث التي سبقت  الانقلاب فكانت تفاصيل اعتصام القصر ، وصيحة  التوم هجو الشهيرة ” الليلة ما بنرجع إلا البيان يطلع !”  و ذكرى الحادي والعشرين من أكتوبرمن العام الماضي حيث خرجت جموع غفيرة من الثوار والكنداكات في أماكن تم تحديدها مسبقا وتم قمع هذه المواكب بقوة وبعنف مفرط بخلاف التعامل الذي وجده من يسمون أنفسهم محتجين ويرابطون أمام القيادة فلايجدون من السلطات إلا “حللا ” مليئة بكل ما لذ وطاب  حتي سمي اعتصامهم ذاك باعتصام “المحشي “و”  الموز”!

هناك من يقول إن التشاكس المستمر بين قوى الحرية والتغيير هو ما قاد لتلك النتيجة المخزية التي أرجعتنا خطوات  للوراء ثم جاءت  بعد ذلك التظاهرات وسقوط الشهيد تلو الشهيد وآلاف المصابين وإغلاق الشوارع والاعتصامات المتواصلة والتظاهرات و”الغنجات ” و”الكتمات ” و”توقف حال   البلد ” لعام كامل !

نعم التشاكس أقعد بالبلاد  وجبريل وأشقاؤه من الحركات المسلحة و”عسكوري وأردول وهجو ” ومن شاكلهم نادوا بحل الحكومة لكن المحير حقا أن الحركات المسلحة نادت بالحل مع احتفاظها بمواقعها ،فمن الطبيعي إذا أراد أحدا أن يحل حكومة أو حتى عندما كنا نلعب صغارا لعبات جماعية  وكان “يخرخر “أحدهم بأن الحظ لم يخدمه و وو.. ثم يباغت الجميع ب”فرتقة ” اللعبة رأسا على عقب كان يمتثل الجميع للرأي القائل أن يبدأ الكل من الصفر لا أن يحتفظ “المخرخر ” ذاك بموقعه المتقدم في اللعبة ويرفض المواقع المتأخرة ليبدأ الآخرين من الصفر

..هذا الشيء لم يحدث إلا في لعبة السياسة  السودانية حيث بعدعام من توقف حال البلد اعترف “حميدتي والبرهان وجبريل ” كل على حدة، وفي مناسبات مختلفة بعدم جدوى  ماحدث من إجراءات ، ثم عادت المباحثات المكوكية  والتصريحات المتباينة بين “العسكر والمدنيين ” والتي تفاوتت بين الاعتراف بالتفاوض مرة  ونكرانه مرات عديدة

أيا كانت نتيجة تلك التفاوضات التي تضغط فيها الآلية الرباعية والقوى الغربية بشدة  على كل من المكون العسكري والمدنيين – مركزيهم  وتوافقهم وميثاقهم – فإن السودان سيبدأ ” من نقطة الاتفاق الجديد ” نقطة سطر جديد من تاريخ 24 أكتوبر 2021  ، معنى ذلك أن السودان لم يحقق شيئا غير أنه قام  بقلب صفحة عام كامل فقط ليبدأ  من ذات النقطة ..إذن فما الجدوى من هذا كله ؟   

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى