الرأي

د.طارق عبدالله يكتب ..الدين والجريمة

المحجة البيضاء 

قصة سيدنا يوسف في القران الكريم من القصص المثيرة والشيقة والتي تحولت الى افلام ومسلسلات لمافيها من عبرة وعظة وكيف انها كشفت ظلم الانسان لاخيه والعظيم في هذه السورة التي يحتفي بها اهل القانون والقضاء أنها كشفت كيفية اجراءات التحري خاصاً قانون الاثبات والبينة (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ).

وايضاً اجراءات المحاكمة والسجن والتعامل فيه فضلاً عن دوافع الجريمة، فقراءة سورة سيدنا يوسف بابعادها الجنائية والقانونية تعلّم كيف تكون الخطئة وماذا يفعل الحسد وايضاً ترسي دعائم التسامح والصفح وتبقى انها ليست سورة تتلي فقط ولكنها تعلم الانسان.

فكرة أن هناك مجتمع خالي من الجريمة ليست صائبة بل انها مقولة عكس واقع الحياة بحسب ان الجريمة جزءاً من التعامل البشري وجزءاً من الحياة نفسها ويوم الحساب الذي نؤمن به هو يوم العدالة الربانية التي تشهد الاطراف ضد صاحبها حتى ان فكرة المدينة الفاضلة في مخيلة (ارسطو ) لم تكن الا احلام فلاسفة بالغت كثيراً في المثالية لمدينة ذاهية في المعمار تتوفر فيها كل الخدمات ويعيش سكانها في أمن واستقرار وما يجب ان نسلم به أن ليس هناك مدينة فاضلة وليس هناك بشراً من الملائكة انما بشر خطائون وخير الخطائون التوابون لذا تاتي عقوبة السجن والمحاسبة على الجرم لتصل بالانسان لمرحلة التوبة.

تلك النتيجة تقودنا مباشرة للاجهزة المعنية بمكافحة الجريمة والمخالفات القانونية ..هل مطلوب من تلك الاجهزة أن تقود البشر للمدينة الفاضلة ؟ وهل لها القدرة على حماية المجتمع من الانحلال والمهددات ؟ والكثير من الاسئلة التي يمكن ان تستوعب اتهامات الساسة للاجهزة الامنية وقد يختلف الناس او يتفقوا على الاجابة ولكن تعتبر هذه الاجهزة أنها خط الدفاع الثاني للشعب تتدخل عندما ينهار خط الدفاع الاساسي وهو المجتمع نفسه والذي تمثله الاسرة ومؤسسات التعليم والاعلام والاندية الثقافية ودور العبادة ومنظمات المجتمع المدني حينها تتدخل السلطة لتقوم مقام هذه المؤسسات في التربية.

المحافظة على المجتمع موجود في كل الاديان واول الذي يقع في المخالفات من يبتعد عن الدين بغض النظر عن ديانته مسلماً كان ام مسيحياً او يهودياً لان كل الاديان تتفق في المحافظة على الاسرة وعلى الدولة وعلى الشعب وتجرم الظواهر التي تهدد النسيج الاجتماعي ويبقى أن علاقة الدين بالجريمة تمثل قطبين مهميين في حياة الانسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى