صرخة الغريق الأخيرة: “شكراً أيها البحر الذي استقبلنا بلا فيزا ولا جواز سفر!”
الخرطوم :الحوادث

في حادثة مأساوية تضاف إلى سجل ضحايا “رحلات الموت” في البحر الأبيض المتوسط، عثرت فرق الإنقاذ على رسالة وداع مؤثرة في جيب أحد اللاجئين السودانيين الذين انتُشلت جثثهم بعد غرق مركب كان يحمل المئات من المهاجرين غير الشرعيين، أثناء محاولتهم الوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
الرسالة، التي كتبها المهاجر على ما يبدو وهو يستشعر اقتراب غرق المركب، هي شهادة مؤلمة على دوافع الهجرة القاسية وأحلامها البسيطة.
ورغم أن الصحفيين لم يكشفوا عن هوية صاحب الرسالة، إلا أنهم أرفقوها بعبارات مؤثرة وجهت “هدية إلى العالم المتحضر” تتساءل: “هرب من الموت فاحتضنه البحر”.
كما تضمنت الرسالة دعوة لقارئيها: “أنصحكم بالقراءة لكن لا تبكوا، لأن الدموع جفت على أهلي وإخوتي من الظلم الذي أصبح يغذي حياتهم كل يوم”.
نص الرسالة المؤثرة كاملاً:
”أنا آسف يا أمي لأن السفينة غرقت بنا ولم أستطع الوصول إلى هناك، كما لن أتمكن من إرسال المبالغ التي استدنتها لكي أدفع أجر الرحلة. لا تحزني يا أمي إن لم يجدوا جثتي، فماذا ستفيدك الآن إلا تكاليف نقل وشحن ودفن وعزاء.”
”أنا آسف يا أمي، وكان لا بد لي أن أسافر كغيري من البشر، مع العلم أن أحلامي لم تكن كبيرة كالآخرين، كما تعلمين كل أحلامي كانت بحجم علبة دواء للقولون لك، وثمن تصليح أسنانك.”
”أنا آسف يا حبيبتي لأنني بنيت لك بيتاً من الوهم، منزلاً جميلاً كما كنا نشاهده في الأفلام.”
”أنا آسف يا أخي لأنني لن أستطيع إرسال الخمسين يورو التي وعدتك بإرسالها لك شهرياً لترفه عن نفسك قبل التخرج.”
”أنا آسف يا أختي لأنني لن أرسل لك الهاتف الحديث الذي يحوي “الواي فاي” أسوة بصديقتك ميسورة الحال.”
”أنا آسف يا منزلي الجميل لأنني لن أعلق معطفي خلف الباب.”
”أنا آسف أيها الغواصون والباحثون عن المفقودين، فأنا لا أعرف اسم البحر الذي غرقت فيه. اطمئني يا دائرة اللجوء فأنا لن أكون حملاً ثقيلاً عليك.”
”شكراً لك أيها البحر الذي استقبلتنا بدون فيزا ولا جواز سفر، شكراً للأسماك التي ستتقاسم لحمي ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي السياسي.
شكراً لقنوات الأخبار التي ستتناقل خبر موتنا لمدة خمس دقائق كل ساعة لمدة يومين.
شكراً لكم لأنكم ستحزنون علينا عندما ستسمعون الخبر.”
”أنا لست آسف لأني غرقت. فقد ارتحت وريّحت”.
المصدر: وكالة الأناضول