الحوارات

قاتل غرانفيل ..أنا ضد التطرف و الإرهاب انتظار الإعدام والمؤبد

الخرطوم: الحوادث

أعلنت توبتي وأنا حالياً ضد التطرف وضد الإرهاب ولا أؤمن به إطلاقاً..

أقضي عقوبتين في وقت واحد.. انتظار الإعدام والمؤبد..
تراجعت وليست لي صلة بأيِّ جماعة متطرفة..

بدا نجل الداعية السلفي الراحل الشيخ أبوزيد محمد حمزة عبد الرؤوف والمحكوم بالإعدام في قضية مقتل الدبلوماسي الأمريكي جون غرانفيل.

 يائساً ومُحبطاً وحزيناً وهو يستقبلني في ساحة سجن الهدى شمالي أم درمان، شاب حليق شعر الرأس مع إطلاق لحية بدأ يغزوها الشيب، يرتدي البردلوبة الخاصة بالمحكومين بالإعدام ومقيد الأرجل بالسلاسل والجنازير الحديدية، جلسنا سوياً وبالقرب منه شقيقه عبد الملك أبو زيد،

 الذي أقلني بسيارته من سوق ليبيا وحتى داخل السجن للالتقاء بعبد الرؤوف بهدف التعرف أكثر على طبيعة أخطر عملية إرهاب وتطرف مرت بالبلاد في تاريخها الحديث، وهي الحادثة الأشهر التي راح ضحيتها الموظف بوكالة العون الأمريكي الـ”يو إس إيد” جون مايكل غرانفيل وسائقه السوداني عبد الرحمن عباس مطلع العام 2008 بشارع عبد الله الطيب بالرياض شرقي الخرطوم بتخطيط ومشاركة بقية أفراد الخلية أمثال مهند عثمان يوسف الذي قُتل بالقرب من القصر الرئاسي بمقديشو خلال مواجهة مسلحة بين عناصر حركة شباب المجاهدين والقوات الأمريكية في العام 2011 ورفيقه محمد المكاوي إبراهيم الذي قتلته القاعدة وسط أحراش الجنوب الصومالي بعد قرار مبايعته لداعش في العام 2015 والثالث عبد الباسط حاج الحسن الذي لا زال مستقراً بالصومال،

 فيما لا زال عبد الرؤوف أبو زيد حبيساً داخل زنزانته في سجن الهدى – تم ترحيله إلى سجن كوبر – كمحكوم ينتظر عقوبة الإعدام، زيارتي كانت بغرض الاستكشاف ومعرفة مزيد من الأسرار والخفايا.. فإلى التفاصيل.

كم تبلغ فترة وجودك في السجن؟

حقيقة فترة طويلة جداً تصل إلى 15 عاماً بالحساب العادي وهي 12 عاماً في كوبر وعاماً كاملاً قضيته في سجن بورتسودان وعامين في سجن الهدى، وهي بحساب السجون تعتبر 20 عاماً بالتمام والكمال وهي تساوي عقوبة السجن المؤبد.

هل العقوبة الصادرة ضدكم حكم المؤبد؟

لا أبداً، عقوبتي ليست السجن المؤبد، أنا محكوم بالإعدام وفي مرحلة تنفيذ الحكم منذ صدوره من المحكمة، لكني للأسف الشديد أنا أقضي عقوبتين وأتعاقب مرتين محكوم بالإعدام، وفي ذات الوقت مسجون بالمؤبد، والأسوأ من ذلك أني أعيش في ظل مصير مجهول!

كيف مصير مجهول؟

لأنه لم يتم تنفيذ حكم الإعدام وفي ذات الوقت مسجون مؤبد، فترتي الآن بلغت 20 عاماً وهي فترة السجن المؤبد وهذا ليس ذنبي، فأنا هنا ضحية للإهمال، ففي هذه الحالة أنا تحوّلت لمظلوم، كيف أعاقب بالسجن المؤبد وهو حكمٌ وقرارٌ لم يصدر من المحكمة…؟

وهل تطالب بأن يتم إعدامك؟

شوف إما تعدموني وتشنقوني أو تطلقوا سراحي، لكن كدا ما ممكن دا وضع شاذ وغريب وسابقة لم تحدث في السودان.

ولن هل هناك طريقة لتنفيذ حكم الإعدام؟

صراحة هنا في إشكالات وتعقيدات تتعلق بتنفيذ أو تطبيق حكم الإعدام في مواجهتي، من بينها حتى أهل القتيل وأعني الأمريكية والدة غرانفيل لا تريد الإعدام، بجانب أن القصاص قد سقط باعتبار أن أولياء دم السائق السوداني المقتول عبد الرحمن عباس قبلوا الدية مقابل العفو وهذا عامل مهم يصعب معه تنفيذ حكم الإعدام، لكن الأهم من ذلك أن بقية المحكومين قد هربوا خارج البلاد، واثنان منهم قُتلا وتبقى واحد وهو خارج السودان ومن الصعب العثور عليه أو تعقبه وتقفي أثره، ولا توجد جهود مبذولة للقبض عليه، فهذه تعقيدات من شأنها تعطيل تنفيذ حكم الإعدام.

يلاحظ عليك الإحباط والحُزن يكسو ملامح وجهك؟

دا قطعاً يرجع لعدة أسباب، أولها الفترة الطويلة، وأقول ليك في سجن الهدى هنا مافي سجين أقدم مني غير واحد، بجانب تنقلي في السجون من كوبر لبورتسودان للهدى، فالمدة الطويلة في السجون بتخلق حالة نفسية سيئة للمعتقل، وكذلك وضعي الصحي الحرج، فأنا أعاني من أمراض عديدة بسبب بيئة السجون، منها القرحة وأمراض القولون وكذلك القضروف في الظهر والرقبة وآلام المفاصل والالتهابات والضغط، وقد تم نقلي من قبل لتلقي العلاج في مستشفى علياء الطبي وأحمد قاسم وفي مستشفى الرباط وعمل تشخيص وصور رسم للقلب وأشعة للشرايين والباطنية والتوصية بعملية قسطرة في القلب، وكذلك منظار للبطن، فحالتي الصحية ليست على ما يرام، أضف لذلك كثرة الإضرابات عن الطعام والاعتصام، مرات بدخل في إضراب عن الطعام للمطالبة بتحسين حقوقي كسجين، لكن صراحة وضعي الحالي ممكن يكون هو السبب المباشر في المعاناة التي أمر بها وهي أن مصيري مجهول وسيظل مجهولاً، وهذا أمرٌ يدعو للقلق والتوتر المستمر، ويخلق الهواجس، وبالتالي ينعكس على حالتي العامة، رغم أنّ المعاملة في هذه السجون قد تكون جيدة بسبب “اني بقيت نزيل معروف نظراً لأني قديم”.

ما هي أهم الدروس التي تعلّمتها وأنت داخل السجن؟

قطعاً تعلّمت الكثير وعرفت الكثير، لكن أهم ما ترسخ في دواخلي حالياً هو تبدل القناعات، فإن بحمد الله وبعد مراجعات خاصة بي عدلت في أفكاري، وأصدقك القول أنا عبد الرؤوف أبو زيد حالياً ضد التطرف وضد الإرهاب ولا أؤمن به إطلاقاً، ولقد ساعدني والدي الشيخ أبو زيد محمد حمزة رحمه الله في هذا الأمر، وكان كثيراً ما يزورني ويقدم لي النصح والإرشاد والتصويب، وهذا أثّر فيّ تأثيراً كبيراً، فأنا معتدل في أفكاري ومعتقداتي وتراجعت عن التطرف، وفي تقديري هذه نعمة كبيرة.

ما المطلوب.. هل لديك مُناشدة؟

نعم أناشد الدولة بالنظر في وضعي، فأنا أكملت فترة 20 عاماً في السجون وهذه فترة كفيلة لتكون عاملاً للإفراج عني هذا أولاً، كذلك أطالب بحقوقي كسجين من خلال تحسين وضعي وتهيئة ظروف جيدة لي والنظر لحالتي النفسية والإنسانية، فأنا أب ولديّ أطفال وأسرة، كما أناشد الحكومة الأمريكية وأيضاً أولياء دم غرانفيل بالتدخل للتعجيل بحل مناسب لي، خاصةً وأن الأمريكان كان شرطهم للعفو مرتبطاً بالتخلي عن التطرف وهو ما حدث، ومن الممكن أن تلعب السفارة الأمريكية بالخرطوم دوراً في هذا الجانب، وكذلك أطلق مناشدة للمنظمات الحقوقية والإنسانية سواء كانت المحلية أو الخارجية، فحالتي تستدعي التدخُّل العاجل.

المصدر : السوداني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى