شيرين أبوبكر تكتب الحقيقة الصامتة:- صرخة الفاشر: جريمة تتجاوز حدود التصور الإنساني
الخرطوم:الحوادث

إن ما حدث في الفاشر يوم 26 أكتوبر 2025 هو جرح غائر في جسد الإنسانية، ووصمة عار على جبين كل من شارك أو صمت.
إنها ليست مجرد معركة عسكرية، بل مذبحة مُروّعة طالت المدنيين العُزّل، متخطية كل الخطوط الحمراء والقيم الأخلاقية والمواثيق الدولية.
لقد تحولت الحرب في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى حرب حقيقية ومباشرة ضد المواطنين والنساء والأطفال خاصةً.
إن الضحية الأكبر في هذا الجنون هي الحياة الآمنة والكرامة الإنسانية، التي دُنست بأبشع الصور.
ألم النساء: شهادة حية على وحشية الحرب
في قلب هذه المأساة، تقف نساء وفتيات وأمهات وأخوات وزوجات وجدات الفاشر، يجسدن الألم الذي يفوق التصور والخيال. ما هو ذنب هذه الأرواح البريئة؟
الأمهات: اللاتي فقدن فلذات أكبادهن، أو شاهدن أطفالهن يُقتلون أو يُصابون، وبات خوفهن على من تبقى أشد من مرارة الفقد.
الفتيات والنساء: اللاتي تعرضن لأشكال من العنف والانتهاكات التي تستهدف كرامتهن ووجودهن، وعلى رأسهن جرائم الاغتصاب الجماعي التي وردت تقارير مروعة عنها.
هذا العنف ليس عرضياً بل هو تكتيك حربي إجرامي يهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي والروحي للمجتمع.
الأخوات والزوجات والجدات: اللاتي حُرمن من أحبائهن، ودُمرت بيوتهن، وشُرّدن ليجدن أنفسهن في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، يواجهن الجوع والمرض والخوف.
إن معاناة هؤلاء النسوة ليست مجرد إحصائيات، بل هي تجارب شخصية مدمرة، هي قلوب محطمة، وأصوات تخنقها العبرات، وذاكرة مثقلة بصور الدمار والإعدامات الميدانية والانتهاكات الجسيمة.
إن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التي تتحدث عن جرائم تطهير عرقي وانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب تؤكد أن ما حدث هو خرق لكل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان خلال النزاعات المسلحة.
صرخة العدالة: مطالبة بوقف الجنون
أنا صوت لكل امرأة وفتاة في الفاشر، لكل من صرخت أو لم تستطع الصراخ. هذا الصوت يرتفع الآن مطالباً بأمور لا تقبل التأجيل:
وقف هذا الجنون فوراً: يجب على المجتمع الدولي والجهات الفاعلة الإقليمية ممارسة أقصى الضغوط لوقف إطلاق النار فوراً وحماية المدنيين في الفاشر وفي كل أنحاء السودان.
حماية النساء والفتيات: يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لضمان حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي القائم على النوع، وتأمين ممرات آمنة لمن يحاولون الفرار.
المساءلة والعدالة: يجب فتح تحقيقات دولية مستقلة ومحاسبة جميع مرتكبي هذه الفظائع، من القادة حتى المنفذين، دون استثناء. لا يمكن أن يمر هذا الدمار دون عدالة.
إيصال المساعدات الإنسانية: يجب إزالة جميع العوائق أمام وصول المساعدات الغذائية والطبية العاجلة إلى المحتاجين والنازحين.
كفى قتلاً، كفى إبادة، كفى ترويعاً لنساء لا ذنب لهن إلا وجودهن في طريق الحرب.
إن الفاشر صرخت، وآن الأوان للعالم أن يسمع، ويتحرك، وينتصر للعدالة والإنسانية.



